24 يونيو، 2025 | 4:45 صباحًا
مقالات كتّاب

فقط سلم و إمتن ..

سراي بوست[1]سراي بوست – مناهل محمد

علا صوته وهو يستنكر ويقول لماذا أمتن؟ لماذا أمتن كل صباح  وأنا استيقظ وعقلي مثخن بالمسئوليات والمشاكل، وأعلم أنني سأظل ربما لساعات في الطريق بسبب الازدحام؟ كيف أمتن وتمتلأ أدراجي بالفواتير والديون؟؟ كيف أكون ممتناً وأمي تتلقى علاجها بالمستشفى؟؟ ظل يتساءل لماذا يمتن ونسي تماماً أنه يملك عملاً يعيش منه ويدفع فواتيره، ويمكنه رؤية والدته وبرها والعناية بها.

وهناك آخر ظل يشكو فقره فقال له شيخه: أَيسُرُّكَ أن تكون أعمى ويكون لك عشرة آلاف درهم؟ فرد لا، فقال له: أيسرك أن تكون أخرس، ويكون لك عشره آلاف درهم؟ لا، فقال له: أيسرك أن تكون  مجنون، ويكون لك عشرة آلاف درهم؟ فقال له الرجل: لا: أيسرك أن تكون مقطوع الرجلين، واليدين، ويكون لك عشرون ألفًا؟ فقال له الرجل: لا، فقال له أما تستحي أيها الرجل أن تشكو خالقك، وله عندك كثير من النعم تقدر بخمسين ألفًا.

هاتين القصتين من عصرين مختلفين الأول في زماننا والثاني من زمن بعيد، ولكننا للأسف لم نتعلم الدرس، ولم نستطيع التغلب على أنفسنا فنظل نشكو ونجزع، ولو جربنا التسليم التام لكل ما نعيشه، لو جربنا فقط أن نستشعر بالنعم التي نعيشها أن نمتن لله ولأنفسنا وللأخرين لعشنا في أمان واستقرار نفسي، فالامتنان عبر الأزمان والحقب التاريخية مارسه كثير من البشر فعاشوا السلام وتغاضى عنه آخرون فعاشوا عكس ذلك.

الامتنان واستشعارك للنعم يدفعك للاعتناء بها أكثر، شعورك بنعمة الصحة والعافية يدفعك للاعتناء جيداً بنفسك، وإن لم تكن بصحة جيدة ستكون بالفعل عرفت معنى هذه النعمة والذي بدوره سيدفعك للامتنان والسعي لاسترداد عافيتك.

ليس ذلك فحسب بل يساعدك في التخلص من القلق لأنك حين تستشعر نعم  اليوم هذا سيدفعك لليقين أنك كما حصلت على هذه النعمة اليوم ستحصل على الكثير أيضاً.

ستصبح أكثر راحة وتسليم  وإيجابية، وعندما أقول أكثر إيجابية لا أعني بذلك أنك ستتغاضى تماماً عن كل ما يحاصرك، ولكن على الأقل ستتذكر أنك تخطيت الكثير ويمكنك أن تتخطى هذا أيضاً .

جرب أن تستيقظ يوماً تستشعر فيه كل ما حولك، تفتح عينك وتقول الحمد لله وتشعر في قرارة نفسك أن الله وهبك صباحاً تستطيع أن تفعل فيه الكثير، انظر إلى أسرتك فتقدير نعمة الأسرة التي أن بها يدفعك لتحسين علاقتك معهم لتعيش في منزل هادئ تُطمئن  وتهدأ به نفسك.

الامتنان ليس مجرد كلمة يستهلكها الروحانيون بل هو طريق يقودك إلى رحلة السلام الداخلي ولن تؤذيك هشاشة العالم بعده.

لن أقول لك افعل هذا وذاك لتكون ممتن، لأن كل منا تختلف طريقته عن الآخر وأثق أنك حتماً ستجد الطريقة التي ستصل بها لأعماقك.

اسأل نفسك هل تتذمر صباحاً ومساءً مما تعيشه..؟ دعني أقول لك خبر مؤسف هذا الرفض الذي تعيشه تجاه واقعك لن يساعدك في التخلص منه، ولن يقدم لك إلا مزيداً مما تواجه، ولكنني في ذات الوقت أستطيع أن أقدم لك خبراً مفرح تستطيع أن تغير وضعك وتحصل على ما تريد فقط.. بقليل من الامتنان واستشعار ما قدمه الله لك.. لأن الرحمن الرحيم جل في علاه قال: (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ).

المصادر

المصادر
1 سراي بوست