
تحتفل تركيا في التاسع من سبتمبر/أيلول كل عام بالذكرى السنوية لانتصار المقاومة التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك ورفاقه على الجيش اليوناني المحتل وتحرير مدينة إزمير، آخر معاقل اليونانيين بعد الهزائم التي لحقت بهم خلال الهجوم الكبير الدي بدأه الأتراك من عمق الأناضول نهاية شهر أغسطس/آب 1922، رداً على المحاولات اليونانية لإسقاط عاصمة المقاومة في تلك الفترة، أنقرة.
ويعد النصر الذي حققه الأتراك ضد القوات اليونانية المحتلة في إزمير يوم 9 سبتمبر/أيلول 1922 علامة فارقة في تاريخ تأسيس الجمهورية التركية الحديثة لاحقاً. كيف لا وقد ألقى الأتراك بآخر فلول الاحتلال اليوناني ببحر إيجه معلنين بذلك تطهير الأراضي التركية من الاحتلال اليوناني وأعوانه، وداخلين لمفاوضات السلام بمدينة لوزان السويسرية بصفة المنتصر صاحب اليد العليا.
احتلال إزمير
في أعقاب الحرب العالمية الأولى التي انتهت بهزيمة دول المحور، وقعت الدولة العثمانية على هدنة مودروس في 30 أكتوبر/تشرين الأول 1918 مع دول الحلفاء المنتصرين، التي بدأت في احتلال أجزاء من الأناضول بناءً على هذه الاتفاقية، كان من ضمنها احتلال اليونان لمدينة إزمير في 15 مايو/أيار 1919.
ووفقاً للمادة السابعة من هدنة مودروس، التي تسمح للحلفاء باحتلال أي نقاط استراتيجية في حال بروز أي حالة تهدد أمن الحلفاء، أنزلت اليونان 20 ألف جندي يوناني في مدينة إزمير التركية من أجل السيطرة عليها وعلى المناطق المحيطة بها تحت غطاء بحري مدعوم من البحرية الفرنسية والبريطانية.
ويذكر أن الهدف الرئيسي وراء سماح دول الحلفاء لليونان باحتلال إزمير هو لقطع الطريق أمام المحاولات الإيطالية الرامية لاحتلال السواحل الغربية لتركيا بدءاً من أنطاليا جنوباً وصولاً إلى أقصى الشمال. تسببت تصرفات اليونانيين في حدوث تقارب بين الحركة الوطنية التركية وإيطاليا خلال حرب الاستقلال التركية لاحقاً.
وبالإضافة إلى مدينة إزمير، قامت اليونان باحتلال أجزاء واسعة غرب الأناضول حتى مدينة بورصا وإسكي شهير وكوتاهيا وأفيون. ولم تكتفِ اليونان بالاستيلاء على تلك المناطق وحسب، بل تحركت لاحتلال أنقرة، وذلك من أجل السيطرة وإغلاق البرلمان التركي التابع للجمعية الوطنية الكبرى، وإجبارهم على القبول بشروط معاهدة “سيفر” التي تقر بالاحتلال الغربي وتمنع جميع أشكال المقاومة.
المقاومة التركية
بالتزامن مع الاحتلال اليوناني لمدينة إزمير صيف عام 1918، نظم الأتراك حركات مقاومة من أجل إنقاذ وتحرير وطنهم من الاحتلال الغربي. فيما أخذت حركات المقامة التركية طابعاً مركزياً بعد وقت قصير عندما وطأت قدم مصطفى كمال أتاتورك ميناء سامسون في 19 مايو/أيار 1919، معلناً بدء النضال الوطني التركي في حرب التحرير والاستقلال التي استمرت من عام 1919 لغاية عام 1922.
واعتبرت خطبة أتاتورك الشهيرة التي ألقاها فور وصوله لسامسون بمثابة الشرارة التي أشعلت أعظم حروب التحرير والاستقلال، والتي حددت فلسفتها وعنفوانها عبارته الخالدة (إما الاستقلال أو الموت)، قدم الشعب والجيش خلالها تضحيات كبيرة توجت بانتصارات حاسمة كانت كفيلة بتحرير أراضي الأناضول وتأسيس الجمهورية بعد نحو 4 سنوات على انطلاقها.
وفي منتصف سبتمبر/أيلول 1921 تحولت موازين القوى لصالح المقاومة التركية بعد الهزيمة المذلة التي ألحقها بالقوات اليونانية في معركة سقاريا التي وقعت بالقرب من العاصمة أنقرة بين 23 أغسطس/آب و13 سبتمبر/أيلول 1921.