مقالات كتّاب

هل ستؤثر رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي على مفاوضات تركيا مع الاتحاد الأوروبي

طه عودة
طه عودة

بقلم/طه عودة أغلو/باحث بالشأن التركي والعلاقات الدولية

لعل ملف العضوية في الاتحاد الأوروبي كان من أكثر الملفات التركية الخارجية
تعقيدا خلال عام 2021 المنصرم بسبب انشغال حكومة “أنقرة” بالمناوشات
والصراعات السياسية والاقتصادية الداخلية لتتباطأ الإصلاحات وتزداد معها
الانتقادات الأوروبية خصوصا من جانب فرنسا التي استلمت، مطلع عام 2022
الجديد، مشعل الرئاسة للأشهر الستة القادمة، وهي ما جعلت الخبراء ينقسمون
فيما بينهم حول مدى تأثير هذه الرئاسة، مهما كانت فترتها قصيرة، على عضوية
تركيا في الاتحاد الأوروبي.

من المعروف أن طريق تركيا الأوروبي كان يبدو في بدايته، وكأنه شبه ممهد إلا
أنها واجهت وما زالت تواجه في كل محطة في علاقتها بالاتحاد الأوروبي عراقيل
وشروط واستفزازات خلافا لما تعامل به الدول الأخرى المرشحة للانضمام.

فعلى مدار عقود مضت، شهدت العلاقات التركية-الأوروبية محطات متعددة شابها
التوافق تارة وكثير من الاختلاف تارة أخرى إذ على الرغم من قبول الاتحاد
الأوروبي ترشح تركيا لعضويته عام 1999، وضع الأوروبيون منذ ذلك الحين
العديد من الشروط والعراقيل أمام “أنقرة” لتتعثر مفاوضات العضوية الكاملة
بين الطرفين، ولم تبدأ فعليا إلا في 3 أكتوبر/تشرين الأول عام 2005 في عهد
حكومة “العدالة والتنمية” الأولى.
ورغم مرور سنين طويلة، ومع كل إنجازاتها وتفاؤلها ما زالت تركيا غير قادرة
حتى الآن على نيل الاستحسان الأوروبي بالكامل، فكلما تقدمت خطوة طلب منها
الاتحاد خطوات أكثر ما يؤكد بأنه لا زال أمام تركيا مارتوان طويل جدا لتركض
فيه قبل أن تركب القطار الأوروبي.

ولا يخفى على أحد أن الاتحاد الأوروبي، ومنذ البداية، لديه تحفظات شديدة
إزاء ضم تركيا إليه وعلى رأسها الإسلام فبالرغم من أن تركيا نظام علماني
إلا أن السلوك الأوروبي تجاهها لا يزال يتحرك وفقاً لذاكرة تاريخية وباطنية
لا يبدو من السهل محوها أو على الأقل تحييدها.

صحيح أن موقع تركيا الجغرافي والاقتصادي يمنحها أهمية كبيرة لدى الاتحاد
الأوروبي على اعتبار أنها جزء من الشرق الأوسط والقوقاز والبلقان، وبلد مهم
يقع على البحرين الأبيض والأسود، لكن هذا لا يلغي حقيقة أنها بالنتيجة “بلد
مسلم”، وفي حال انضمامها للاتحاد، فإنها ستكون الطاغية بديموغرافيتها
الإسلامية.
وفي السنوات الخمس الأخيرة، تراجعت العلاقات بين “أنقرة” و”بروكسل” بشكل
أكبر على خلفية ولادة خلافات كبيرة وجديدة في ملفات كثيرة يتعلق أبرزها
بالتنقيب عن الغاز قبالة جزر يونانية وقبرصية في مناطق متنازع عليها بين
أنقرة- أثينا-نيقوسيا، علاوة على ما يصفه الاتحاد الأوروبي بـ”التدخل
التركي في شئون دول الجوار”، وملف حقوق الإنسان وقمع خصوم الرئيس رجب طيب
إردوغان داخل البلاد.