
يلجأ تنظيم “بي كي كي” الإرهابي إلى اختطاف الأطفال في سوريا والعراق، واستخدامهم كـ “محاربين” في صفوفه، عقب الانتكاسة التي يشهدها التنظيم إثر العمليات العسكرية التي نفذتها القوات التركية داخل البلاد وشمالي سوريا والعراق.
وشهدت الفترة الأخيرة انقطاع الدعم الشعبي عن التنظيم الإرهابي في كل من سوريا والعراق وإيران، كما هو الحال في تركيا التي أنزلت ضربات موجعة بالتنظيم، وبالأخص عبر سلسلة عمليات “المخلب”.
وانعكست الخسائر التي تعرض لها التنظيم خلال الفترة الأخيرة على وسائله الإعلامية التي تحدثت عن مقتل العديد من الميليشيات وانشقاقاتها فضلا عن الخسائر الكبيرة.
وبالرغم من دعوات الاحتجاج والتظاهر التي تطلقها منصات التواصل الاجتماعي التابعة للتنظيم الإرهابي، إلا أن هذه الدعوات لا تلقى استجابة.
وفي الوقت الذي يحظر فيه أنصار “بي كي كي” تنظيم مظاهرات داخل الحدود الإدارية لمدينة أربيل العراقية، كان من اللافت ضعف الإقبال ومحدودية المظاهرات بمدينة السليمانية أيضا.
** مأسي وجهود مقاومة الاختطاف
ويحاول التنظيم الإرهابي عبر اختطاف الأطفال وتجنيدهم في صفوفه وقف نزيف قواته التي يفقدها، إلا أن عائلات المختطفين تواصل محاولات إيصال أصواتها إلى العالم، الأمر الذي يعين على إفشال مخططات “بي كي كي”.
وفي هذا السياق، أظهر اعتصام الأمهات بولاية ديار بكر، جنوب شرقي تركيا، الوجه الحقيقي للتنظيم الإرهابي أمام المجتمع الدولي.
وأمضت أمهات ديار بكر أكثر من 1000 يوم في اعتصامهن أمام فرع “حزب الشعوب الديمقراطي”، مطالبات باسترداد أولادهن المختطفين لدى “بي كي كي”، ومتهمات الحزب بالتورط في اختطاف فلذات أكبادهن.
ورغم توقيع تنظيم “واي بي جي” الذراع السوري لـ “بي كي كي”، اتفاقية مع الأمم المتحدة حول “تسريح المحاربين الأطفال من صفوفه”، إلا أن التنظيم لم يفِ بتعهداته ويواصل استغلال الأطفال.
وفي تصريحات أدلى بها لوسائل إعلام عراقية، قال الناشط الكردي السوري، محمد علو، إن تنظيم “الشباب الثوار” التابع لـ “بي كي كي”، اختطف الطفلة جوليا طارق دادو، من أمام مدرسة برانة بن مالك، بمنطقة الشيخ مقصود، في محافظة حلب السورية.
بدوره، ذكر موقع ” Gulanmedia” التابع للحزب الكردي الديمقراطي، عن الإيرانية مريم خضر، قولها إن تنظيم “بيجاك” الذراع الإيراني لـ “بي كي كي”، اختطف ابنتها أسرين محمد (13 عاما)، قبل أن يقتلها لدى محاولتها الهروب.
وبحسب الإعلام العراقي، فإن “بي كي كي” اختطف في يوليو/ تموز 2019، شخصين اثنين في منطقة دهوك العراقية، لا يزال مصيرهما مجهولا.
من جهته، ذكر تلفزيون “رووداو” في 21 مايو/ أيار الماضي في تقرير، أن الطفلة مريم فريد محمد، اختطفت في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 من عناصر التنظيم بمدينة عين العرب (كوباني).
كما واصل التنظيم الإرهابي اختطاف عشرات الأطفال القصر في مناطق القامشلي وحلب (سوريا)، ومناطق أخرى شمالي العراق، وجندهم في صفوفه، بحسب إعلام محلي في البلدين.
وفي 10 يونيو/ حزيران الجاري، قالت وكالة الأناضول، إن منصات تواصل اجتماعي مقربة “واي بي جي – بي كي كي”، ذكرت اختطاف 11 طفلا قاصرا من أصول عربية وكردية، وتم تجنيدهم في صفوف التنظيم.
** مآسي “الأطفال” تحت ناظري العالم
وتظهر مشاهد الأطفال المختطفين الـ11 المنشورة، وهم يحملون صور زعيم “بي كي كي” الإرهابي، عبد الله أوجلان، وأعلام التنظيم.
وفي حديثه للأناضول، قال رئيس الرابطة الكردية المستقلة في سوريا عبد العزيز تمو، في 7 يونيو الجاري، إن إرهابيي “واي بي جي/ بي كي كي” كثفوا من اختطاف الأطفال دون سن العاشرة، خلال الأشهر الستة الأخيرة.
من جهتها، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في بيان أصدرته في إبريل/ نيسان الماضي، إن ما يعرف بـ”قوات سوريا الديمقراطية” التي يشكل “واي بي جي- بي كي كي” عمودها الفقري، اختطفت طفلتين تبلغان 16 و17 من العمر، من مركز مدينة حلب السورية.
وأشار البيان أن التنظيم الإرهابي يحرم الأطفال المختطفين من التواصل مع عائلاتهم، بعد اصطحابهم إلى معسكرات التدريب المنتشرة في منطقة منبج، بريف حلب.
وتشير الإحصاءات المتعلقة بقتلى “بي كي كي” خلال الأشهر الأخيرة، إلى وجود أعداد كبيرة من الأطفال القصّر ضمن القتلى.
وفي سياق متصل، نصّت العديد من التقارير الدولية على تورط “بي كي كي” الإرهابي في تجنيد الأطفال للقتال.
وذكر “تقرير تهريب البشر 2020” لوزارة الخارجية الأمريكية، المنشور في يونيو 2020، أن “واي بي جي” جند أطفال ذكور وإناث يبلغون 12 عاما، في معسكرات اللجوء شمال شرقي سوريا.
أما تقرير مجلس الأمن الدولي، الصادر في يناير/ كانون الثاني 2020، فقد نشر أدلة جديدة على تجنيد “واي بي جي – بي كي كي”، الأطفال كـ “محاربين” في سوريا.
وكانت الأمم المتحدة وقعت في يوليو 2019 اتفاقية مع “واي بي جي – بي كي كي”، لإنهاء ومنع تجنيد الأطفال في صفوفه، وقعها المدعو فرحات عبدي شاهين، الملقب بـ “مظلوم عبدي”، أحد قيادات التنظيم الإرهابي، خلال مراسم أقيمت بمكتب الأمم المتحدة في جنيف.
وأثارت هذه الخطوة آنذاك انتقادات تركيا التي قدمت مذكرة احتجاج إلى الأمم المتحدة، حول الموضوع.
وعادة ما يلجأ “واي بي جي – بي كي كي” إلى اختطاف القاصرين، وارسالهم إلى معسكرات التدريب على السلاح والقتال، ويمنعهم من التواصل مع ذويهم وعائلاتهم.