سياسة حول العالم

قمة الشراكة التركية ـ الإفريقية .. بصمة في مستقبل العلاقات بين الجانبين “تقرير”

سراي بوست [1]سراي بوست – تحرير : مناهل محمد

تشهد العلاقات التركية- الأفريقية ازدهاراً وتوسعاً ملحوظ في الآونة الأخيرة، إثر سياسة اتبعها الرئيس التركي منذ العام 2002، حيث استضافت تركيا في الفترة بين 18 و21 أغسطس 2008 قمة التعاون التركي الأفريقي الأولى، والتي حضر خلالها ممثلون من 50 دولة إفريقية،  وأعلن وزير الخارجية التركي آنذاك علي باباجان خلال شهر حزيران من العام نفسه 2008 أن إفريقيا ستتبوّأ مكانة خاصة في السياسة الخارجية التركية، ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا بدأت السياسة الخارجية تجاه إفريقيا تأخذ منحى بارزًا وتزداد وضوحًا.

ويرى خبراء أفارقة أن تركيا تمثل الشريك الاستراتيجي للاتحاد الإفريقي وعلاقاتها مع الدول الإفريقية تقوم على أسس إنسانية مبنية على الأخوة والتعاون والشراكة المتبادلة، على عكس العلاقات التي أقامتها القوى الغربية مع بلدان القارة.

ورفعت تركيا عدد سفاراتها في عموم القارة الأفريقية من 12 في 2002 إلى 43 بالإضافة إلى 19 ملحقا عسكريا في الوقت الراهن، كما أن سفارات الدول الأفريقية في أنقرة ارتفع عددها من 10 في 2008 إلى 37 حاليا، فيما أجرى الرئيس التركي نحو 30 جولة بالقارة شملت توقيع اتفاقيات مع دول أفريقية.

وقد زادت وجهات طيران الخطوط الجوية التركية لتشمل 61 نقطة في دول القارة، وبلغ عدد مكاتب وكالة التعاون والتنسيق التركية “تيكا” 22 مكتبا، كما أن مؤسسة المعارف الوقفية التركية تلعب دورا مهما في دعم جهود المساعدات الإنسانية في القارة، وتمتلك 175 مؤسسة تعليمية في 26 دولة أفريقية.

اختتمت مدينة اسطنبول أمس السبت أعمال القمة الثالثة للشراكة التركية – الأفريقية والتي جاءت تحت شعار “تعزيز الشراكة من أجل التنمية والازدهار المشترك” بمشاركة 38 دولة وعقد 15 لقاءاً ثنائياً، وحضور 16 رئيس دولة وحكومة ، و102 وزير إفريقي بينهم 26 وزيرا للخارجية .

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة له خلال أعمال القمة أن بلاده وسعت من وجودها في جميع أنحاء أفريقيا عبر مؤسساتها مثل “تيكا” ومعهد يونس إمره ووقف المعارف ووكالة الأناضول والخطوط التركية والهلال الأحمر.

وأوضح أن العلاقات التركية الأفريقية وصلت الى مستويات لم يكن من الممكن تصورها قبل 16 عاما، بفضل جهود بلاده المشتركة مع دول القارة، كما أضاف أن القمة ستترك بصمة في مستقبل العلاقات بين الجانبين.

وأكد أن النضال الذي تخوضه تركيا تحت شعار “العالم أكبر من خمسة” ليس من أجلها فحسب، بل لصالح الأفارقة أيضاً، معرباً أنه لإجحاف كبير ألا يكون هناك كلمة أو دور في صنع القرارات بمجلس الأمن لقارة إفريقيا التي يعيش فيها 1.3 مليار نسمة، داعياً الى ضرورة تضافر الجهود من أجل تمثيل إفريقيا بالشكل الذي تستحقه في مجلس الأمن الدولي.

وفي إطار جائحة كورونا كشف أردوغان أن منظمة الدول التركية تخطط لإرسال 15 مليون جرعة مضادة لفيروس كوروناإلى دول إفريقية ضمن مساعي مكافحة الوباء.

كما بين أن حجم التجارة التركية إلى أفريقيا بلغ 30 مليار دولار في الأشهر الـ11 الأولى من العام الجاري، لافتا إلى أن حجم التبادل التجاري مع القارة كان قد بلغ 25.3 مليار دولار عام 2020.

وتطمح أنقرة إلى زيادة هذا الرقم إلى 50 مليار دولار في المرحلة الأولى ثم إلى 75 مليار دولار سنوياً.

ومن جانبه قال وزير الخارجية التركية مولود تشاويش أوغلو خلال أعمال القمة أن هدف بلاده الربح المشترك مع إفريقيا، والسير سويًا نحو المستقبل، ورؤيتها للعلاقات مع إفريقيا استراتيجية وطويلة الأمد.

وكشف أن الأطراف المشاركة اعتمدت خطة عمل خمسية تتضمن خطوات ملموسة تحت 5 بنود، في مجالات التنمية والتجارة والصناعة والتعليم والمعلوماتية والمرأة والشباب والبنية التحتية والزارعة والصحة.

وأشار الى أن إحلال السلام الدائم في أفريقيا لن يتم إلا من خلال الاستقرار السياسي، مؤكدا في هذا الإطار أن تركيا تقف ضد تغيير الحكومات المنتخبة بالعنف.

​​​​​​​ومشدداً على أن تاريخ بلاده خالٍ من وصمة الاستعمار، ورغم وجود جهات تصم إفريقيا بالتخلف والحروب الأهلية والانقلابات، وتزعم أنها لن تخرج من هذه الحلقة المفرغة؛ إلا أن بلاده ستواصل المضي قدماً مع القارة السمراء.

من جانب آخر وفي إطار أعمال القمة التقى الرئيس التركي الطلاب الأفارقة بالعاصمة أنقرة.

وشهد اللقاء حوارا بين أردوغان والطلاب الذين يكملون تحصيلهم العلمي في الجامعات التركية.

وخاطب الرئيس التركي الطلاب الأفارقة بقوله :” أنتم من سيعيد الأمور إلى نصابها في أفريقيا” ودعا الطلاب الى الإنشغال بالسياسة عند العودة إلى بلادهم من أجل رفع الظلم الواقع على القارة الإفريقية.

وشرح أردوغان للطلاب النظام العالمي الحالي وارتباط مصير العالم بقرارات 5 دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، طالبا منهم العمل في المستقبل من أجل تغيير هذا النظام والمطالبة بالعضوية الكاملة لبلدانهم بدلا من العضوية المؤقتة.

وأعرب أردوغان عن سعادته لاستضافة الشبان الأفارقة، واصفا إياهم بممثلين فخريين لتركيا في إفريقيا.
وضم اللقاء طلاب من شتى الدول الأفريقية منها السودان مصر الجزائر المغرب تونس الصومال مالي موروتانيا توغو بنين نيجيريا بوركينا فاسو ليبيريا تشاد زيمباوي أنغولا موزمبيق غانا أوغندا نيجيريا مدغشقر.

ويذكر أن  عدد الطلاب الأفارقة بالجامعات التركية الذين يلاقون دعماً مباشراً من  رئاسة أتراك المهجر ومجتمعات ذوي القربى التركية “YTB” يتجاوز 14 ألف طالب.

وصرح أردوغان في ختام أعمال القمة أن الجانبين اتفقا على خريطة طريق واعتمدا خطة عمل مشتركة من شأنها تعميق العلاقات بين الأطراف المشاركة.

وأعرب عن اعتقاده بتخطي عتبة مهمة أخرى في العلاقات التركية ـ الإفريقية عبر القمة، كما شدد على أهمية عقد القمم التركية ـ الإفريقية بشكل متواصل.

 ودعا القادة الأفارقة إلى المشاركة في منتدى أنطاليا الدبلوماسي المقرر عقده بين 11 ـ 13 آذار/ مارس 2022.

ورأى مسؤلون أفارقة أن المشاركة الواسعة مؤشر على ثقة إفريقيا بتركيا وشعبها، وأن القارة السمراء مستفيدة أيضا من التعاون مع تركيا.

المصادر[+]

المصادر
1 سراي بوست
Exit mobile version