يصادف صباح 12 سبتمبر/ أيلول الذكرى 41 لإنقلاب 1980 آخر انقلاب عسكري نفذه الجيش في تاريخ جمهورية تركيا، والذى تصفه وسائل إعلام تركية بأنه بقعة سوداء في تاريخ الديمقراطية بتركيا؛ لما لازمه من إعدامات ومعاملة سيئة وانتهاكات لحقوق الإنسان.
في صباح 12 سبتمبر/ أيلول 1980 قبل واحد وأربعين عاما، أفاق الأتراك على بيان بُث عبر إذاعة “تي آر تي” الرسمية، كان بمثابة إعلان انقلاب عسكري بقيادة كنعان إفرين على حكومة سليمان ديميريل.
وقتها، أعلن ما سمي “مجلس الأمن القومي” الذي شكله الانقلابيون الأحكام العرفية في البلاد، فتم حل البرلمان التركي، وتعليق العمل بالدستور، وإنهاء صلاحيات الحكومة، وإغلاق الأحزاب السياسية وتم اتخاذ قرار مراقبة زعماء الأحزاب بشكل دقيق ومن ثم تمت مُحاكمتهم.
تميز انقلاب 1980 بالقسوة والدموية المفرطة، فقد حكم بالإعدام على 517 شخصا نفذ منها 50، ومات تحت التعذيب 171 شخصا، واعتقل 650 ألف مواطن، وتم وضع مليون و683 ألف مواطن تحت المراقبة.
كما فصل 30 ألف موظف من عمله، وهرب مثلهم خارج البلاد، وسحبت الجنسية التركية من 14 ألف مواطن، ومات 73 في ظروف غامضة، وانتحر 43 مواطنا. وبالإضافة إلى الممارسات الدموية، حوكم 230 ألف شخص في 210 آلاف قضية، وتمت المطالبة بعقوبة الإعدام لأكثر من 7 آلاف شخص.
وحوكم أيضا ما يقرب من 100 ألف شخص بتهمة “الانضمام إلى منظمات إرهابية”، وتم استبعاد 30 ألف شخص من أعمالهم بدعوى أنهم “مشتبه بهم”. واستهدفت الحياة الفنية والثقافية، إذ منع أكثر من ألف فيلم بدعوى أنه “غير مرغوب به”، وتم إنهاء خدمة نحو 4 آلاف مدرس، والمئات من أساتذة الجامعات، والمطالبة بعقوبة السجن التي تصل إلى آلاف السنوات لعشرات الصحفيين.
وفي الاستفتاء “الموجه” الذي جرى عام 1982 حصل الدستور، الذي أعده “مجلس الشورى المعين” من قبل الجنرالات الانقلابيين على تصويت بـ “نعم” بنسبة 92 في المئة. تضمن الدستور الإنقلابي “المادة الخامسة عشرة المؤقتة” التي تحول دون محاكمة كنعان أفرن قائد الإنقلاب ومعاونيه من “مجلس الأمن القومي” طيلة حياتهم.
محاكمة الإنقلابيين
عقب الاستفتاء على التعديلات الدستورية في 12 سبتمبر 2010، تم إلغاء المادة المذكورة من الدستور وتقديم بلاغات في جميع أرجاء تركيا بحق المسؤولين عن الانقلاب ومن اتبعوا تعليماتهم. وفتحت النيابة العامة بأنقرة تحقيقا مع أفرن وقائد القوات الجوية وقت الانقلاب، تحسين شاهين قايا. وفي يناير/ كانون الثاني عام 2010 قبلت المحكمة لائحة الادعاء بحق أفرن وشاهين قايا، لتبدأ بذلك لأول مرة في تاريخ تركيا محاكمة مسؤولين عن انقلاب.
ووجهت تهم إلى الانقلابي الأول بـ”محاولة تعطيل أو إلغاء الدستور التركي أو جزء منه، ومحاولة إلغاء أو تعطيل عمل البرلمان التركي الذي تشكل بموجب الدستور”. ولم يحضر أفرن أو شاهين قايا جلسة المحاكمة لأسباب صحية. وخلال دفاعهما عن نفسيهما عبر تقنية الفيديو كونفرانس لم يقبلا التهم الموجهة إليهما، وقالا إنهما “يمثلان السلطة المؤسسة وإن المحكمة الحالية لا يمكنها محاكمتهما”.
وفي 18 يونيو/ حزيران قضت المحكمة بالسجن المشدد مدى الحياة بحق أفرن وشاهين قايا بتهمة “محاولة تعطيل أو إلغاء الدستور والبرلمان في تركيا” من خلال المذكرة التي أصدروها عام 1979، وتهمة “محاولة تغيير أو إلغاء الدستور بالقوة ومحاولة عرقلة عمل البرلمان وإلغائه بالقوة عام 1980”.
عقب ذلك خففت المحكمة الحكم إلى السجن المؤبد، كما تقرر تطبيق المادة الـ 30 من قانون العقوبات العسكري بخصوص نزع الرتب العسكرية عن المتهمين، ولاحقا تقدم محامو المتهمين بطلب الاستئناف. وبينما كانت محكمة النقض تنظر في القضية توفي أفرن في 10 مايو 2015 عن عمر 98 عاما، ثم لحقه شاهين قايا في 9 يوليو/ تموز 2015 عن عمر 90 عاما. وقررت محكمة النقض إسقاط الدعوى بسبب وفاة المتهمين، كما حكمت بعدم وجود داع للتحفظ على أملاك أفرن وشاهين قايا، وفصلهما من القوات المسلحة ونزع رتبهما العسكرية. [1]وسائل إعلام تركية
المصادر
↑1 | وسائل إعلام تركية |
---|