بعد مفاوضات طويلة استمرت لسنوات، عُقدت بين الكويت وشركة “غوغل”، تقترب الدولة الخليجية لتكون مركزاً إقليمياً لحفظ بيانات الشركة العملاقة وخدماتها السحابية، وهو ما سينعكس على اقتصاد الكويت، ووضعه في مكانة مميزة بالمجال الرقمي عالمياً.
وسيسهم وجود المركز الإقليمي المنتظر لحفظ بيانات شركة “غوغل” بالكويت، في تطوير القطاع المعلوماتي في البلاد ودول المنطقة، إضافة إلى أنه يشكل استثماراً اقتصادياً وبشرياً ستستفيد منه.
ويشمل الاتفاق تعاوناً واسعاً في مجال الاتصالات والمعلوماتية والتخزين السحابي للبيانات بين الطرفين وفق صحيفة “الراي” الكويتية، كما أنه يتماشى مع خطة التحول الرقمي الذي تشهده مختلف الهيئات والجهات في الكويت، وفقاً لمصادر حكومية.
مراكز البيانات
“مركز البيانات” هو مرفق مادي تستخدمه المؤسسات لاستضافة التطبيقات والبيانات المهمة، حسبما توضح شركة “سيسكو” الأمريكية العملاقة المتخصصة بعلم الشبكات، حيث تمتلكها وتشغّلها مؤسسات منتجة للبيانات في أماكن عملها.
وتدار مراكز بيانات الخدمات المدارة بواسطة طرف ثالث، إذ تقوم المؤسسات المنتجة للبيانات بتأجير المعدات والبنية التحتية.
وتستضيف مراكز البيانات المشتركة البيانات لعديد من الكيانات المنتجة للبيانات، وتوفر الطاقة والتبريد والتأمين لاستضافة الأجهزة والخوادم “السيرفرات”.
كما تستضيف مراكز البيانات السحابية البيانات والتطبيقات عبر مزودي الخدمة السحابية (التخزين الافتراضي) مثل “أمازون ويب سيرفسيز” (AWS) ومايكروسوفت (أزور) و”آي بي إم كلاود”.
خطوة استباقية
المختص التقني، وليد القحطاني، يؤكد أن اتفاق الكويت مع شركة “غوغل” لتكون مركزاً إقليمياً للبيانات والخدمات السحابية للشركة في المنطقة، يعني أنها ستصبح مكاناً لتخزين بيانات عملاء الشركة ومعالجتها.
و يقول القحطاني: إن “فوائد عديدة ستعود على الكويت بجعلها مكاناً لبيانات غوغل، سواء على اقتصاد البلاد، أو أبنائها، حيث ستتاح لهم فرصة إنشاء شركات صغيرة متخصصة في التقنية”. [1]الخليج أونلاين
وبهذه الخطوة، يوضح القحطاني أن الكويت سبقت جيرانها في دول مجلس التعاون الخليجي، التي سعت كل منها للحصول على المقر، ولكن الكويت قدمت إغراءات لشركة “جوجل”، وكانت مرنة معها، حتى توصلت إلى اتفاق لجعلها مركزاً إقليمياً للبيانات والخدمات السحابية للشركة.
ويعكس حرص دولة الكويت على جعلها مركزاً لشركات البيانات العملاقة، كما يؤكد المختص التقني، تبني الحكومة الكويتية العمل التقني والرقمي، والأمور المتقدمة في عالم الإنترنت، وهو ما سيعود عليها بالإيجاب بشكل مباشر وغير مباشر.
خلق وظائف
وفيما يتعلق بالفوائد التي ستعود على الكويت من وراء جعلها مركزاً إقليمياً لحفظ بيانات الشركة العملاقة، تؤكد دراسة أجرتها مؤسسة البيانات الدولية (IDC) ونُشرت في (8 سبتمبر 2021)، أنها ستخلق أكثر من 13.100 وظيفة في جميع أنحاء الكويت بحلول عام 2024، وفقاً لبحث أجرته مؤسسة البيانات الدولية (IDC) ونُشر باليوم ذاته.
الدراسة توقعت أيضاً أن يتضاعف الإنفاق على الخدمات السحابية العامة في البلاد إلى أكثر من ثلاث مرات، ليسجل بذلك ارتفاعاً على الرقم المُدون في عام 2019 والبالغ 32.0 مليون دولار، ليصل إلى 112.3 مليون دولار بحلول عام 2024.
ويحتاج نجاح الخدمة، وفق الدراسة، إلى تضافر الجهود بالاستثمار في مجال تكنولوجيا المعلومات عبر كل من القطاعين الحكومي والخاص لتبنّي أنظمة العمل السحابية والحلول السحابية الهجينة، وهو ما سيمكّن الشركات من جني أرباح تقدَّر بـ1.3 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
وستضيف منظومة شركاء مايكروسوفت، إحدى شركات “غوغل”، 8200 وظيفة جديدة صافية إلى الاقتصاد الكويتي.
وحول الدراسة، أكد علاء الدين كريم، المدير العام لـ”مايكروسوفت الكويت”، أن نتائجها تصب في رؤية الكويت نحو التحول الرقمي.
وبحسب “كريم”، فإن حكومة الكويت اتخذت جهوداً مميزة على طريق التحول الرقمي في ظل رؤيتها الوطنية 2035، حيث يعتبر التحول السحابي “جزءاً لا يتجزأ من هذه الجهود بالنظر إلى دوره في تعزيز أداء الحكومة وكفاءتها”.
وأبدى فخره بكون “مايكروسوفت الكويت” تسهم من خلال استثماراتها في مجال السحابة والذكاء الاصطناعي بصورة جذرية في جهود الكويت نحو التحول الرقمي، حيث قال: إن “شراكتنا مع الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات والجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات ومذكرات التفاهم المبرمة، تأتي في إطار هذه الجهود”.
بدوره يؤكد مانيش رانجان، مدير برنامج قسم البرمجيات والحوسبة السحابية لدى شركة “IDC الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا”، أن التحول السحابي “يشكّل العمود الأساسي في رؤية الكويت 2035 الرامية إلى تعزيز الاقتصاد عن طريق تبني المبادرات والأنشطة الهادفة إلى تحديث البنية التحتية”.
وقال رانجان: “لعبت الهيئات الحكومية المتمثلة في الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات والجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات دوراً محورياً في قيادة جهود التحول الرقمي بالبلاد، وذلك من خلال تنفيذ المبادرات المختلفة والشراكة مع مقدمي الحلول التكنولوجية”.
وعملت الحكومة الكويتية، وفق رانجان، على تعزيز المهارات الرقمية التي ستصبح مطلباً أساسياً في المستقبل. كما أن الحاجة إلى الابتكار وتوظيف الخدمات السحابية في القطاعين العام والخاص ستثري الاقتصاد في الكويت، وستساهم بشكل مباشر في خلق وظائف جديدة.
وأسهمت الخدمات السحابية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، كما يؤكد رانجان، في خلق وظائف جديدة.
اهتمام حكومي
يشار إلى أن الكويت تولي التحول الرقمي اهتماماً واسعاً، حيث تضع هذا الملف ضمن أولوياتها الاستراتيجية لتحقيق التنمية المستدامة في رؤية الكويت لعام 2035، وبموازاة المشروعات الحكومية الرامية إلى الاستفادة من عمليات الرقمنة في كثير من قطاعات الدولة الخليجية.
وجاء الحديث عن جعل الكويت مركزاً إقليمياً لحفظ بيانات الشركة العملاقة وخدماتها السحابية، بعد أيام من إعلان رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، الانتقال الرقمي للحكومة.
وقال “الصباح”، خلال لقاء “الكويت ما بعد الجائحة”، في (2 سبتمبر 2021)، إن إطلاق تطبيق “سهل” سيكون باكورة التحول الرقمي للحكومة، مشدداً على أن أي جهة حكومية سوف تتهاون في تطبيق “سهل” سيتحمل قياديو هذه الجهة المسؤولية.
ويختص التطبيق الوليد بتطبيق خدمات حكومية إلكترونية “بعيداً عن التعاملات الورقية المعتادة”.
المصادر
↑1 | الخليج أونلاين |
---|